الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

حرب البريمي

حرب البريمي هي حرب وقت بين القوات البريطانية وبعض القوات العربية من اليمن وعمان وإيران وبين قبائل من الإمارات وعمان والسعودية واليمن الجنوبي، أهم أطراف هذه الحرب هم قبيلةبني كعب ونعيم وبني شامس وهم جميعا من حلف بني غافر وكانت هذه الأحداث في أوائل الخمسينات ميلادياً، انتهت بانتصار القوات البريطانية وترحيل القبائل المحاربة إلى السعودية.

[عدل]الأسباب

كانت أطماع الاستعمار الإنجليزي في منطقة الخليج واسعة، وأهم هذه المناطق التي كانت مطمعاَ كبيرا لهم هي منطقة البريمي لما تتميز فيه هذه المنطقة من موقع استراتيجي وتجاري في المنطقة, ويسكن هذه المنطقة قبيلة نعيم وقبيلة بني شامس وكان يحكم قبيلة نعيم الشيخ صقر بن سلطان من أل حمود وبني شامس كان يحكمهم الشيخ راشد بن حمد والسيادة كانت لشيخ نعيم على هذه المنطقة لقوته المادية والعسكرية. ومن جهة أخرى كانت منطقة محضة وهي مسقط رأس بنى كعب والتي لا تبعد كثيراَ عن منطقة البريمي مطمعاَ للمستعمرين وكان يحكم هذه المنطقة الشيخ عبيد بن جمعة أل مزاحم الكعبي شيخ قبيلة بني كعب وكانت سلطته هي الأقوى بحكم الرجال والعدة وكانت مستقلة الحكم فلم تُحكم من قبل أي دولة غير دولة بني كعب.[1]

أراد المستعمرون أن يبدءوا في عملية التنقيب عن البترول في هذه المنطقة. ولكن شيخ بني كعب رفض هذه الفكرة بتاتاَ وأصدر أمره بمنع أي سيارة إنجليزية أو أية سيارة أخرى تحمل بضائع للإنجليز من المرور في أراضي بني كعب ومصادرتها إذا دعا الأمر لذلك وقد أذعر الإنجليز ذلك وراحوا يستميلون هذه القبيلة بجميع الوسائل والمغريات نحوهم ولكن محاولاتهم راحت أدراج الرياح. فتفاوض الإنجليز عدة مرات مع شيخ المنطقة ولكن الرفض كان الجواب النهائي لهذه القبائل, فقد تردد الإنجليز كثيراَ عليهم وكانت أخر زيارة لهم في شهر رمضان سنة 1949م في قلعة الحكم بمحضة.

وبعد ذلك أرسلت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا خطاباَ موجهاَ للشيخ عبيد بن جمعة لكي يسمح لسيارات الإنجليز بالعبور من منطقته ومواصلة التنقيب ولكنه أبى. وكانت أسباب رفضهم هي أعتزازهم وتمسكهم بدينهم. فما كان منهم إلا أن يتضامنوا مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ملك المملكة العربية السعودية. وكان الشيخ عبيد بن جمعة ومشائخ القبائل على اتصال دائم بالملك عبدا لعزيز بن سعود حيث أن هذه القضية تهم جميع من في المنطقة. وتم الاتفاق بين المشائخ والملك عبدا لعزيز في سنة 1950م على إرسال ممثل للملك في هذه المنطقة.

[عدل]الحرب

عندما لم يفلح الإنجليز في استمالة هذه القبيلة باللين عمدوا بعد ذلك إلى القوة. وفعلاَ بعد معاونة أحد عملائهم الخونة استطاعوا أن يجدوا ثغره يلجون منها إلى ديار القبيلة فوقعت بين رجال القبيلة والإنجليز معركة في بلدة (النويهي) وكانت معركة حامية أستعمل فيها العدو قواتاَ برية وجوية بينما هذه القبيلة لاتملك سوى بنادق قديمة. استمرت هذه المعركة نصف يوم وبعد أن نفدت أخر طلقة من بنادق رجال هذه القبيلة أستطاع المعتدون من احتلال البلاد وقد قتل من رجال القبيلة خمسة أشخاص وجرح خمسة آخرون. وأنسحب الرجال عائدين إلى حاضرة القبيلة (محضة) وما كادوا يستقرون حتى فوجئوا بإنذار بريطاني يرغمهم فيه على الانسحاب من ديارهم وأموالهم وكان رد القبيلة قوياً صارخاً فما كان من الإنجليز إلا أن شنوا هجوماً عنيفاً بالطائرات والمصفحات والجنود وكان هجومهم يشمل بلدة (محضة حاضرة القبيلة) و(البرج الذي هو على طريق محضة-البر يمي) ودارت بين القبيلة والإنجليز معركتان حاميتان في هذين الموقعين وقد أبلى رجال هذه القبيلة في هاتين المعركتين بلاءاً حسناً وقد قتل عدداً من رجال القبيلة فأضطر كبار رجال القبيلة والمجاهدين على الخروج من العاصمة وعلى رأسهم شيخ القبيلة عبيد بن جمعة إلى بلدة (الخطوة) وعند ما أستقر الرجال فيها بادر الشيخ عبيد بن جمعة برسل رجاله إلى (وادي الجزي) للتصدي لجنود السلطان سعيد بن تيمور الذي كان حليفاً للقوات البريطانية منعاً للقيام بأي اعتداء. ولما أحست بريطانيا بذلك أرسلت بقوة كبيرة لمحاربة رجال القبيلة وأستطاع الإنجليز بعد مجهود كبير بذلته من الاستيلاء على (المريعة) وهي مقر المجاهدين, واستطاعوا بعد ذلك من الاستيلاء على بقية الوادي.

خسرت قبيلة بنى كعب عدداً من رجالها وأثناء مكوث القبيلة في (الخطوة) رتب الإنجليز هجوماً عنيفاً عليها فأول الأمر بدأ الزحف على بلدة (الخطوة) بجنود المشاة فقط فتصدى رجال هذه القبيلة للعدوان بالمثل فاندحرت قوات المعتدين خائبة على أعقابها وعادوا الكرة مرة ثانية ولكن هذه المرة كانوا قد أعدوا للأمر عدته فكان زحفهم يقضى بتطويق البلدة من كل جانب يساعدهم في ذلك الطائرات, ولما رأى رجال القبيلة الأمر الواقع وهم الذين لا يملكون إلا بنادق قديمة أستهلكتها الحرب ورأو أن لاطاقة ولاحول إلا بالله لهذا الهجوم الغاشم وقد نفذت أخر طلقة من ذخيرتهم وقد قتل من رجال القبيلة العدد الكثير وهناك جرحا وكان الإنجليز يتعرضون للرسل الذين ترسلهم القبيلة إلى (البر يمي) وتقتلهم. فما كان منهم إلا أن يخرجوا من (الخطوة) إلى واحة (البر يمي) حيث منطقة التحكيم ومكثوا هناك إلى أن شنت الإنجليز هجومها على واحة (البر يمي) فشارك رجال القبيلة لهذا العدوان مع أشقائهم من قبيلة نعيم وبنى شامس فأبلوا بلاءاً حسناً ولكن قلة السِلاح والرجال هما اللذان مكنا الإنجليز من الاستِلاء على واحة (البر يمي).

وذهب المشائخ إلى ممثل الإنجليز في منطقة (البر يمي) فقال " أين ستذهب الاَن يا شيخ عبيد, ليس لك مفر مني" فرد عليه الشيخ عبيد قائلاً " والله لو تبقت لدي ذخيره ولو كانت واحده لما أتيتك" فما كان له إلا أن وقف لهم وحياهم. فقال المشائخ كلمتهم الأخيرة حين سئلوا.عن ماذا يريدون..؟ وكان الإنجليز قد حسبوا أنهم سوف يتعاونون معهم ويستسلمون لأمرهم. ولكن كان الجواب: "إذا كان لابد من إخراجنا من بلادنا فليس لنا إلا المملكة العربية السعودية"[بحاجة لمصدر].

فجُهزت لهم طائرة لتأخذهم من منطقة (البر يمي إلى الشارقة) وكان الشيخ زايد بن سلطان هناك لكي يودعهم. الذي كان أقرب أصدقاء الشيخ عبيد بن جمعة. ومن هُناك ذهبوا إلي دبي ومن دبي وصلوا إلي فرضة الخبر (المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية) عن طريق البحر.

وكانت مدة هذه الحرب قرابة العام والنصف. وقد حاول الإنجليز بشتى الطرق كما سبق وأن رأينا أن يصدوا سير القبيلة التي ارتضت لنفسها طريقاً ومنهجاً قوياً لا يجنى أي شيء من أشياء المادة الزائلة وإنما يكمن حبٌ لعقيدة ارتضوها ومنهجاً أحبوه نبراساً لواقعهم.

في البداية كانت مسألة وقت بالنسبة لهم وسوف يعودون, ولكن لم تجري الرياح بما تشتهي السفن فأصبحت قضية البر يمي قضية دول بعد أن قسمها الاستعمار وليست قضية متعلقة بمشائخ القبائل.

وأخيراَ الشيخ عبيد بن جمعة (شيخ قبيلة بني كعب) في الدمام بعد أن كان مُقعداَ لأكثر من أربعة عشر سنة على الكرسي.عن عمر ناهز المائة وعشرة أعوام. فلقي مثواه الأخير في سنة 1997م في شهر مايو.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق